حب المصطفى صلى الله عليه وسلم وكيف يكون ؟
الدكتور عصام بن هاشم الجفري
الحمد لله الذي خصنا بخير رسله وأنزل علينا أكرم كتبه ، وشرع لنا أكمل شرائعه أحمده سبحانه وأشكره لا أحصي ثناء عليه أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة فقال جل من قائل كريم:{..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا..} وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . الحمَدُ للهِ العَلِيِّ ذي المِنَنْ..الواهبِ الرَّزَّاقِ ديِّانِ الدَّينْ..هو الذي أنقذني مِنْ قبلِ أنْ..أكونَ في ظُلْمَةِ قبرٍ مُرْتَهنْ..بأحمدِ المهديِ النبيِ المُرتَهنْ([1]) أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واستجيبوا لأمر ربكم حيث يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)} .
عباد الله حديثي اليوم عن أمر من أمور الإيمان المهمة ألا وهو حب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: أقولُ ولا يُلْقى لقوَليَ عائِبٌ ..مِنَ الناسِ إلا عازبُ العقلِ مُبْعدُ..وليسَ هَوَايَ نازِعاً عَنْ ثنائهِ..لعليِّ بِهِ في جنةِ الخُلْدِ أَخْلدُ..مع المصطفى أرْجو بِذاكَ جِوارهُ..وفي نَيْلِ ذاكَ اليَوْمِ أسْعىَ وأجهدُ.، حبُ المصطفى هو أساس من أساسيات الإيمان يقول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ))، بل لابد أن يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم أحب إلى المرء من نفسه التي بين جنبيه فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ))فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ يَا عُمَرُ ،حب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه لا يجادل فيه إلا جاهل أو زنديق منافق ولقد ضرب لنا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثلة عملية ونماذج فذة لذاك الحب فهذا أبوبكر رضي الله عنه يبكي فرحاً حينما يعلم أنه رفيقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته وهو يمشي أمامه في الهجرة يوم يذكر الرصد ويمشي خلفه يوم يذكر الطلب حتى إذا جاء أمر فداه بنفسه،وهذه نسيبة بنت كعب المازنية أم عمارة امرأة تحمل السيف تذوذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما تكشف عنه الرجال ، فيقول لها سليني يا أم عمارة فتقول أسألك مرافقتك في الجنة،لا إله إلا الله حب في الدنيا وحب في الآخرة ؟ وبعد أن انتهت غزوة أُحد مر جيش النبي صلى الله عليه وسلم وهو عائد للمدينة بامرأة من بني دينار،وقد أُصيب زوجها وأخوها وأبوها،فلما نُعوا لها قالت:فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا:خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين،قالت:أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير إليها حتى إذا رأته قالت:كل مُصيبة بعدك جلل (تريد صغيرة)،وجاءت إليه بعد أُحدٍ أيضاً أُم سعد بن معاذ ،وسعد آخذ بلجام فرسه،فقال:يا رسول الله أمي، فقال:مرحباً بها ووقف لها،فلما دنت عزاها بابنها عمرو بن معاذ.فقالت: أما قد رأيتك سالماً،فقد اشتويت المصيبة (أي استقللتها)( [2]) ، والنماذج التي ضربوها في حب الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه عديدة يضيق المجال عن حصرها .
لكن السؤال أين نحن من حب المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ ،لاشك أننا كلنا محبين لخير الورى لكن نجد من بين أمة الإسلام من يفهم ذلك الحب على غير وجهه وينزله في غير منزلته ! فمنهم من قصره على حفلات ووجبات يجتمع فيها الناس فيذكرون طرفاً يسيراً من سيرته العطرة ويأتون فيها بمدائح شعرية وغير شعرية قد تصل لحد لا ترضاه شريعة الإسلام ولا يرضاه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه لو سمعها لأنها تتجاوز به عن مكانة العبودية والنبوة والرسالة إلى مجال الألوهية والعياذ بالله ، فكيف يرضاها وهو الذي حذر أمته من أن تقع فيما وقع فيه النصارى من قبل فقال: ((لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ))([3] ) ،لأن النصارى سول لهم الشيطان بخطوات فاتبعوه ؛عظموا مولد المسيح عليه السلام وأرخوا التاريخ بمولده،ثم غالوا في التعظيم والمديح والإطراء حتى قالوا المسيح ابن الله،تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ، ومن هنا تنبه الفاروق الملهم لهذا فأرخ لأمة الإسلام بالهجرة النبوية،وكأنه يلفت أنظارهم إلا أن المسلم مُتعبد بما كان بعد البعثة لا بما كان قبل المولد الشريف،تعجب من صنف من الناس يدعون حب الحبيب عليه الصلاة والسلام يقيمون الولائم في هذا الشهر ويدعون أن ذلك فرحاً وحباً في الحبيب فداه أبي وأمي والناس أجمعين؟مع أن البشرية أجمع أُصيبت بمصيبة ونُكبت بنكبة في هذا الشهر لا تدع مجالاً بعدها للفرح ألا وهي موت الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه فكيف لقلب مات حبيبه أن يفرح؟ وقد كان أصحابه وهم خير من أحبه حين يذكرون وفاته يبكون بكاء مراً ، وقد بكت يوماً المدينة بأسرها حزناً لذكرى وفاة الحبيب؛ وقد كان ذلك يوم أن جاء بلال من خارج المدينة وقد اعتزل الأذان بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم حزناً عليه فألح عليه الخليفة أن يؤذن فارتقى المسجد وأخذ يؤذن وحين وصل أشهد أن محمداً رسول الله تذكر حبيب أمة الإسلام فلم يتمالك نفسه فبكى وبكت المدينة معه وارتجت من البكاء ونزل ولم يستطع إكمال الأذان مما أصابه من الحزن، فكيف لقوم أن يفرحوا؟والأعجب من ذلك أنك ترى في القوم قبل الوليمة وبعدها من هو بعيد كل البعد عن سنة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه؛تنظر إليه فتراه وقد أسبل إزاره وحلق لحيته وعانق الدخان فمه،وتناثر الكلام القبيح من شدقيه أهذه ثمرات المحبة؟ وقد جعل القوم من تلك الولائم أساساً للولاء والبراء فمن حضرها واستحبها فهو محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أنكرها وحذر منها فهو وهابي مبغض لخير البرية صلوات ربي وسلامه عليه! إن الحب الحقيقي يا أمة خير الورى يدفع للاتباع الكامل والدقيق للحبيب صلوات ربي وسلامه عليه؛ومن أكبر الأمثلة على ذلك عبدالله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه ومما أُثر عنه أنه كان إذا سافر من المدينة إلى مكة جاء تحت شجرة وأجهد نفسه أن يبول تحتها لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول تحتها،كان يحاول أن يضع قدمه حين يمشي في المكان الذي مشى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو الحب الحقيقي،الأمة أيها الأحباب لا تحتاج إلا حب بارد لا حياة فيه يقتصر على المواسم والمناسبات وإنما هي بحاجة إلى حب يشتعل حرارة تدفع للاتباع والاقتداء .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21)}.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له جعل النجاة لمن استمسك من الدين بالعروة الوثقى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من أمر بالبر والتقوى .
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن في مقابل تلك الفئة فئة خشيت من الوقوع فيما وقعت فيه أختها فجفت وأخذت تنظر لكل من يُكثر من الصلاة والسلام على رسول الله أو من الثناء الحق عليه بأنه صوفي مبتدع، مع أن الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه يقول (..مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ..)، ولماذا يصلي علينا الله تأتي الإجابة في الكتاب العزيز حيث يقول الله :{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43)}،وإنا والله لا نظن بكلا الطائفتين إلا أنهم أرادوا طريق الحق فأخطأوا ، فنقول لهم ولأمة الإسلام كافة اعلموا أن الخير والنجاة من فتن العصر المتراكمة المظلمة إنما هو باتباع ما جاءنا من ربنا عز وجل وبالاقتداء بما ثبت عن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وما كان عليه سلف هذه الأمة فقد تركنا صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وقد حذرنا بقوله: ((..فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))([4]) .فكل عبادة مهما استحسنتها النفوس ومال إليها الهوى لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الخلفاء الراشدين وليس لها سند أو أصل يُضرب بها عرض الحائط لأنها تبعد صاحبها عن طريق الهدى فيضل وهو يبغي الرشاد.وأقول للأباء والمربين إن بين ناشئة أمة الإسلام جهلاً عظيماً بسيرة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه فليحرص كل أب وكل مرب أن يُذكر من أتمنه الله على تربيتهم بسيرة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ووجوب أن يحبه المحبة الصادقة الصحيحة التي تدفع للاقتداء والفداء.
الدكتور عصام بن هاشم الجفري
الحمد لله الذي خصنا بخير رسله وأنزل علينا أكرم كتبه ، وشرع لنا أكمل شرائعه أحمده سبحانه وأشكره لا أحصي ثناء عليه أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة فقال جل من قائل كريم:{..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا..} وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . الحمَدُ للهِ العَلِيِّ ذي المِنَنْ..الواهبِ الرَّزَّاقِ ديِّانِ الدَّينْ..هو الذي أنقذني مِنْ قبلِ أنْ..أكونَ في ظُلْمَةِ قبرٍ مُرْتَهنْ..بأحمدِ المهديِ النبيِ المُرتَهنْ([1]) أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واستجيبوا لأمر ربكم حيث يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)} .
عباد الله حديثي اليوم عن أمر من أمور الإيمان المهمة ألا وهو حب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: أقولُ ولا يُلْقى لقوَليَ عائِبٌ ..مِنَ الناسِ إلا عازبُ العقلِ مُبْعدُ..وليسَ هَوَايَ نازِعاً عَنْ ثنائهِ..لعليِّ بِهِ في جنةِ الخُلْدِ أَخْلدُ..مع المصطفى أرْجو بِذاكَ جِوارهُ..وفي نَيْلِ ذاكَ اليَوْمِ أسْعىَ وأجهدُ.، حبُ المصطفى هو أساس من أساسيات الإيمان يقول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه: ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ))، بل لابد أن يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم أحب إلى المرء من نفسه التي بين جنبيه فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ))فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ يَا عُمَرُ ،حب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه لا يجادل فيه إلا جاهل أو زنديق منافق ولقد ضرب لنا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثلة عملية ونماذج فذة لذاك الحب فهذا أبوبكر رضي الله عنه يبكي فرحاً حينما يعلم أنه رفيقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته وهو يمشي أمامه في الهجرة يوم يذكر الرصد ويمشي خلفه يوم يذكر الطلب حتى إذا جاء أمر فداه بنفسه،وهذه نسيبة بنت كعب المازنية أم عمارة امرأة تحمل السيف تذوذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما تكشف عنه الرجال ، فيقول لها سليني يا أم عمارة فتقول أسألك مرافقتك في الجنة،لا إله إلا الله حب في الدنيا وحب في الآخرة ؟ وبعد أن انتهت غزوة أُحد مر جيش النبي صلى الله عليه وسلم وهو عائد للمدينة بامرأة من بني دينار،وقد أُصيب زوجها وأخوها وأبوها،فلما نُعوا لها قالت:فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا:خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين،قالت:أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير إليها حتى إذا رأته قالت:كل مُصيبة بعدك جلل (تريد صغيرة)،وجاءت إليه بعد أُحدٍ أيضاً أُم سعد بن معاذ ،وسعد آخذ بلجام فرسه،فقال:يا رسول الله أمي، فقال:مرحباً بها ووقف لها،فلما دنت عزاها بابنها عمرو بن معاذ.فقالت: أما قد رأيتك سالماً،فقد اشتويت المصيبة (أي استقللتها)( [2]) ، والنماذج التي ضربوها في حب الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه عديدة يضيق المجال عن حصرها .
لكن السؤال أين نحن من حب المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ ،لاشك أننا كلنا محبين لخير الورى لكن نجد من بين أمة الإسلام من يفهم ذلك الحب على غير وجهه وينزله في غير منزلته ! فمنهم من قصره على حفلات ووجبات يجتمع فيها الناس فيذكرون طرفاً يسيراً من سيرته العطرة ويأتون فيها بمدائح شعرية وغير شعرية قد تصل لحد لا ترضاه شريعة الإسلام ولا يرضاه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه لو سمعها لأنها تتجاوز به عن مكانة العبودية والنبوة والرسالة إلى مجال الألوهية والعياذ بالله ، فكيف يرضاها وهو الذي حذر أمته من أن تقع فيما وقع فيه النصارى من قبل فقال: ((لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ))([3] ) ،لأن النصارى سول لهم الشيطان بخطوات فاتبعوه ؛عظموا مولد المسيح عليه السلام وأرخوا التاريخ بمولده،ثم غالوا في التعظيم والمديح والإطراء حتى قالوا المسيح ابن الله،تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ، ومن هنا تنبه الفاروق الملهم لهذا فأرخ لأمة الإسلام بالهجرة النبوية،وكأنه يلفت أنظارهم إلا أن المسلم مُتعبد بما كان بعد البعثة لا بما كان قبل المولد الشريف،تعجب من صنف من الناس يدعون حب الحبيب عليه الصلاة والسلام يقيمون الولائم في هذا الشهر ويدعون أن ذلك فرحاً وحباً في الحبيب فداه أبي وأمي والناس أجمعين؟مع أن البشرية أجمع أُصيبت بمصيبة ونُكبت بنكبة في هذا الشهر لا تدع مجالاً بعدها للفرح ألا وهي موت الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه فكيف لقلب مات حبيبه أن يفرح؟ وقد كان أصحابه وهم خير من أحبه حين يذكرون وفاته يبكون بكاء مراً ، وقد بكت يوماً المدينة بأسرها حزناً لذكرى وفاة الحبيب؛ وقد كان ذلك يوم أن جاء بلال من خارج المدينة وقد اعتزل الأذان بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم حزناً عليه فألح عليه الخليفة أن يؤذن فارتقى المسجد وأخذ يؤذن وحين وصل أشهد أن محمداً رسول الله تذكر حبيب أمة الإسلام فلم يتمالك نفسه فبكى وبكت المدينة معه وارتجت من البكاء ونزل ولم يستطع إكمال الأذان مما أصابه من الحزن، فكيف لقوم أن يفرحوا؟والأعجب من ذلك أنك ترى في القوم قبل الوليمة وبعدها من هو بعيد كل البعد عن سنة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه؛تنظر إليه فتراه وقد أسبل إزاره وحلق لحيته وعانق الدخان فمه،وتناثر الكلام القبيح من شدقيه أهذه ثمرات المحبة؟ وقد جعل القوم من تلك الولائم أساساً للولاء والبراء فمن حضرها واستحبها فهو محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أنكرها وحذر منها فهو وهابي مبغض لخير البرية صلوات ربي وسلامه عليه! إن الحب الحقيقي يا أمة خير الورى يدفع للاتباع الكامل والدقيق للحبيب صلوات ربي وسلامه عليه؛ومن أكبر الأمثلة على ذلك عبدالله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه ومما أُثر عنه أنه كان إذا سافر من المدينة إلى مكة جاء تحت شجرة وأجهد نفسه أن يبول تحتها لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول تحتها،كان يحاول أن يضع قدمه حين يمشي في المكان الذي مشى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو الحب الحقيقي،الأمة أيها الأحباب لا تحتاج إلا حب بارد لا حياة فيه يقتصر على المواسم والمناسبات وإنما هي بحاجة إلى حب يشتعل حرارة تدفع للاتباع والاقتداء .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21)}.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له جعل النجاة لمن استمسك من الدين بالعروة الوثقى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من أمر بالبر والتقوى .
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن في مقابل تلك الفئة فئة خشيت من الوقوع فيما وقعت فيه أختها فجفت وأخذت تنظر لكل من يُكثر من الصلاة والسلام على رسول الله أو من الثناء الحق عليه بأنه صوفي مبتدع، مع أن الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه يقول (..مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ..)، ولماذا يصلي علينا الله تأتي الإجابة في الكتاب العزيز حيث يقول الله :{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43)}،وإنا والله لا نظن بكلا الطائفتين إلا أنهم أرادوا طريق الحق فأخطأوا ، فنقول لهم ولأمة الإسلام كافة اعلموا أن الخير والنجاة من فتن العصر المتراكمة المظلمة إنما هو باتباع ما جاءنا من ربنا عز وجل وبالاقتداء بما ثبت عن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وما كان عليه سلف هذه الأمة فقد تركنا صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وقد حذرنا بقوله: ((..فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))([4]) .فكل عبادة مهما استحسنتها النفوس ومال إليها الهوى لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن الخلفاء الراشدين وليس لها سند أو أصل يُضرب بها عرض الحائط لأنها تبعد صاحبها عن طريق الهدى فيضل وهو يبغي الرشاد.وأقول للأباء والمربين إن بين ناشئة أمة الإسلام جهلاً عظيماً بسيرة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه فليحرص كل أب وكل مرب أن يُذكر من أتمنه الله على تربيتهم بسيرة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه ووجوب أن يحبه المحبة الصادقة الصحيحة التي تدفع للاقتداء والفداء.
الأحد أكتوبر 24, 2010 5:32 am من طرف رناد
» بعض الغلا عيا له الخاطر يطيق..
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 9:51 pm من طرف رناد
» هدية رمضان من غالي الذكرى
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:12 pm من طرف حفيدة عائشة
» فلاش صائم لم يصم
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:11 pm من طرف حفيدة عائشة
» تواقيع رمضانيه
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:10 pm من طرف حفيدة عائشة
» كلمة الالشيخ ..عايض القرني
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:10 pm من طرف حفيدة عائشة
» أمساكية رمضان لعام 1431 لمناطق المملكة الرئيسية
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:09 pm من طرف حفيدة عائشة
» المكبلون في رمضان فلاش
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:09 pm من طرف حفيدة عائشة
» الفطر في السفر أم الصوم ؟
الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 5:08 pm من طرف حفيدة عائشة